الملياردير الغامض يرحل. صاحب أقوى صفقات السلاح حول العالم وأشهر السهرات الفاخرة التي لم يكن لها مثيل حتى الأغنياء بأنفسهم. تاريخ مثير للجدل وحياة هي الأكثر إثارة بين رجال الأعمال على هذا الكوكب.
عدنان خاشقجي. رجل سعودي لا يعرّف أنه بأنه ملياردير ناجح بين العشرات من أصحاب المليارات حول العالم. هو أكثر من ذلك. هو مبرم الصفقات. ناسج العلاقات في كل الدول. ترى إسم السعودية ومصر أمريكا في حياته. ترى إيران وأمريكا. ترى حتى الفيليبين ونيكاراغوا.
في بيان للعائلة مساء الثلاثاء أُعلن عن رحيل خاشقجي "بسلام" في لندن بعد معاناة مع مرض شلل الرعاش أو "باركنسون".
حياة باذخة عاشها هذا الرجل. نجاحات كثيرة وخسارات قليلة أعطته لقب "أغنى رجل في العالم" في القرن الماضي. كتبت تقارير غير دقيقة عن إفلاسه فيما قالت العائلة أنه عاش "أيامه الأخيرة بنفس الفخامة والقوة والكرامة التي ميزت حياته المذهلة" ورحل عن عمر يناهز الـ82 عاما.
> النشأة و.."عائلاته"
في 25 يوليو 1935 ولد خاشقجي في مكة المكرمة من والد يدعى محمد كان طبيبا لمؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن.
يقول في إحدى مقابلاته التلفزيونية النادرة على قناة "إم.تي.في" اللبنانية "والدي كان رجلا متعلما وكان لديه روح العبادة وكان دائما يأخذني لصلاة الفجر".
هذا الأمر كان بالنسبة لعدنان "نوعا من الروتين الروحاني الذي أعطاني قوة شخصية لمخاطبة الخالق وأثق في نفسي".
في شبابه وجد خاشقجي نفسه "مشدودا" بين المال والعلم كما تقول صحيفة "سبق" المحلية. سافر إلى جامعة فيكتوريا بالإسكندرية ومنها إلى جامعة "شيكو" إحدى أقدم جامعات كاليفورنيا.
في عام 1921 تزوج من إمرأة إنجليزية تبلغ من العمر 20 عاما هي ساندرا دالي التي اختارت إسم "ثريا" بعد إسلامها. كان لديهم أربعة أبناء محمد وخالد وحسين وعمر وبنت تدعى "نبيلة" ثم كان الطلاق عام 1974. حينها دفع تسوية طلاق بلغت 875 مليون دولار بحسب "نيويورك تايمز" الأمريكية وكانت أكبر تسوية طلاق في التاريخ.
لورا بيانكوليني كانت الزوجة الثانية لـ"خاشقجي" تزوجها عندما كان عمرها 17 عاما. لورا أسلمت بدورها وأصبحت "لميا". أنجب منها "علي" ثم تزوج إمراة من أصل إيراني تدعى شاهباري آزام زنغنه.
> عالم الأعمال والسلاح.. منذ المراهقةّ!
منذ بداياته اختار عالم التجارة وقام بشراء عربة نقل كبيرة من أموال والده وعمل مع صديقه وهنا انتقل إلى سوق التجارة العالمي.
لم ينقضِ عام على وجوده في جامعة "شيكو" أي في عمر الـ21 عاما توسط أول صفقة كبيرة وباع شاحنات إلى مصر بقيمة 3 ملايين دولار جن منها عمولة تقدّر بـ150 ألف دولار. هنا، ترك الجامعة غير آبه بالشهادة الجامعية.
عام 1959 كان الجيش السعودي بحاجة إلى الكثير من ناقلات الجنود والمعدات. فكره الإقتصادي جعله وسيطا كبيرا. أمّن لهم المعدات. عمل بعدها في صيانة مطار الظهران وبدأت علاقاته مع الشركات الأمريكية الكبيرة.
منذ ذلك الحين، ذاع صيت خاشقجي عالميا وبات زبائنه من كبار التجار في بازار الأسلحة العالمية بينهم: نورثروب، لوكهيد، غرومان، كرايسلر، فيات، شركة هليكوبتر وستلاند، رولز رويس ورايثيون. كما أصبح وكيل عدد من الشركات لعدد من الشركات الأمريكية في الشرق الأوسط والسعودية التي عاد بعد بعد أربعة وخمسين عاما من الهجرة.
> العلاقات السياسية المحفوفة بالمخاطر
هذه الشهرة العالمية جعلته صديقا للعديد من المشاهير حول العالم كما السياسيين وصناع القرار في الغرب، لكن هذا الأمر لم يجعله يتجنب الوقوع في بعض الورطات.
كان، على ما تروي صحيفة "العرب" أحد "صناع جسور إيصال الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون إلى هرم الرئاسة" عدا عن علاقته برؤساء عدد من الدول الأخرى.
مع أنه ظلّ يعيش في موناكو بعيدا عن الأضواء إلا أن الصحافة أكدت مروره ببعض المحطات المتعرّجة في حياته أبرزها عندما تولى عملية بيع أسلحة سرية لإيران من الحكومة الأمريكية في ثمانينيات القرن الماضي حين كان المفترض أن الولايات المتحدة تفرض حظرا على طهران في هذا المجال.
الأسباب المعلنة لهذه الصفقة كانت إطلاق خمسة أمريكيين محتجزين في لبنان واستعمال أموال الصفقة لتمويل حركات "الكونترا" المناوئة للنظام الشيوعي في نيكاراغوا. كان ذلك عام 1987 واعتذر حينها الرئيس رونالد ريغان من الشعب الأمريكي.
ولم تكن هذه الفضيحة الوحيدة بل قد سجن في سويسرا في الثمانينات وكان يخوص معركة قضائية ضد الترحيل للولايات المتحدة بعد اتهامه بالمساعدة في إخفاء أموال لصالح الرئيس الفلبيني السابق فرديناند ماركوس وزوجته ايميلد بحسب ما أفادت "بي بي سي".
> السهرات … والخسائر
لدى خاشقجي يخت باسم ابنته "نبيلة" قيل أنه أجرى داخله سهراته الفاخرة التي التقى بها أهم الشخصيات حول العالم.
ذات مرة أقام حفلة في منزله الكائن على شاطئ ماريبا الإسبانية وكان 400 ضيف يحتفلون بعيد مولده الـ50 وكانت هذه الدعوة الأكثر تميزا عبر التاريخ منذ تتويج لويس الرابع عشر على حد وصف أحد الصحافيين. إستمرت الإحتفالات حينها لمدة 5 أيام!
لكن إمبراطورية خاشقجي والتي كانت تقدر بـ40 مليار دولار في الثمانينات وجعلته "أغنى شخص في العالم" حينها تعرضت لنكسات مالية ما جعلته يبيع يخته ذات الـ86 مترا والذي ظهر في فيلم "Never Say Never Again"، أحد أفلام سلسلة جيمس بوند. إشتراه حينها سلطان بروناي ومنه إلىالرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.
> حياة مثيرة جدا
لا تنتهي القصص عن حياة عدنان خاشقجي خصوصا أن الصدفه لعبت دورها في حياته كأن تعرف أنه خال دودي الفايد آخر رجل أحبته الأميرة البريطانية الراحلة ديانا. حتى أن مجلة "تايم" كتبت عنه عام 1987 "تجار سلاح الظل: حياة عدنا الخاشقجي المترفة وصفقاته المذهلة". على الرغم من أنه كان تجسيدا لرجل الأعمال الناجح وذو قوة دولية تنسج خيوط السياسية من وراء الكواليس إلا أنه لم يبن أعمالا مستدامة. يسمي مهنته التجارة إذ أنه انتقل من صفقة إلى أخرى طوال حياته.
يقول ألان كارفو وهو مهندس معماري عمل معه "بإمكانه إقناعك بسحره لتغيير رأيك. كان لطيفا جدا. يشعر الناس بالإطراء معه لا بل يقعون في حبه".
"أي خطأ إرتكبت؟ لا شيء" يقول. ثم يشدد "تصرفت لاأخلاقيا لأسباب أخلاقية"!
