للمرة الأولى، نرى الرئيس الأمريكي مشغول بأمور غير النظر إلى الضيف. لوحتان كان يضعهما إلى جانبه. يمسكهما ويبدأ الشرح للأمريكيين. أتيناكم بالوظائف. لماذا فعل ذلك؟ وهل هو صادق؟

لعل زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية هي محطّ أنظار العالم. بدأت، بعد مقابلة مثيرة، بلقاء دونالد ترامب المثير للجدل الذي، وعلى غير عادته، تقصّد التوجه للأمريكيين من جيب ضيفه.
لم يقصد الرئيس الثري أن يقولها مرور الكرام، بل أتى مدعما إياها بلوحات كان يضعها إلى جانبه، ثم كررها مرة أخرى على طاولة الغداء مع ضيفه السعودي: "أنتم أغنياء وستعطونا المال".
بدأت القصة عندما إستل ترامب من جانبه لوحةً، شارحا للصحافة أن اتفاقات بقيمة 12.5 مليار دولار باتت شبه جاهزة. وبدأ يعددها. وقال لولي العهد "هذا مبلغ صغير جدا بالنسبة لكم (أو فتات كما تترجم عبارة That’s peanuts for you)". إلا أن بن سلمان ردّ رافضا ما قيل وهزّ برأسه بينما هو يضحك ومن ثم أمسك ترامب باللوحة الثانية وشرح ما فيها من "دولارات" من طائرات إلى أنظمة دفاع إلى فرقاطات ودبابات وغيرها. وقال في نهايتها أن هذه الصفقات ستؤمن 40 ألف وظيفة للأمريكيين.
— نورا خالد الخالدي (@norakhaldy) March 20, 2018
هل كان صادقا؟!
بالتأكيد أن محمد بن سلمان ردّ مصححا أن هذه الصفقات تؤمن وظائف للسعوديين أيضا "بشكل مباشر أو غير مباشر".
أضف إلى ذلك، إن الأخير يعتمد وفق رؤية السعودية 2030 توطين 50% من الإنفاق العسكري لتنشيط صناعة قطع الغيار والصناعات التكميلية العسكرية وهو ما يخلف وظائف للسعوديين. لكن ما هي حال ترامب؟

- عندما عاد الرئيس الأمريكي من زيارته إلى المملكة العربية السعودية، إدعى أنه أتى بملايين الوظائف للأمريكيين من جراء الصفقات وهذا ما تبين أنه رقم ضخم أصبح اليوم 40 ألف فقط على حد قوله
- أكثر من ذلك، تفند الصحف الأمريكية والمواقع بشكل شبه يومي منذ زيارة ترامب للمملكة إدعاءاته وتقول أنها خاطئة. متحدث باسم رايثيون، وهي إحدى الشركات التي وقعت مع شركة لوكهيد مارتن وشركة بوينغ وشركة جنرال دايناميكسمذكرتي تفاهما مع المملكة كجزء من الصفقة قال أنه "لم نتمكن حتى من التكهن بعدد الوظائف التي ستضيفها صفقة السلاح"
- صحيفة "واشنطن بوست" تقول أن ترامب يدعي بأرقام كبيرة حول الوظائف وقام بذلك لأكثر من 10 مرات وفي غالبية الأحيان تكون إدعاءاته خاطئة
- شركة "لوكهيد مارتن" صرحت أكثر من مرة أن الإتفاق يخلق وظائف في كلا البلدين لكنها لم تضع أرقاما كبيرة سوى 200 وظيفة فقط في ولاية كونيتيكت و250 في شمال أمريكا. أكثر من ذلك، إن أقصى توقعات الشركة بحسب موقع "Fortune" هي 18 ألف وظيفة في أمريكا خلال السنوات الثلاثين القادمة ما يعني أن ترامب ضخّم الرقم كثيرا وكذب أمام ضيفه
لا شك ان الصفقات ستؤمن ربحا للجانبين، لكن ترامب حاول كما دائما أن يقول للأمريكيين أنه يدر عليهم الوظائف. أما الأرقام فتقول غير ذلك.. كما دائما أيضا!